في الأزمة عادة ما تمارس البرمجة الصماء دورها في توجيه العقول والقلوب خاصة لما يزيد تأثير الهالة على الأفراد ، بما يضفي على بعض الناس نوعا من القدسية ، يجعلهم يساهمون في توجيه الناس وحصرهم في زاوية من الزوايا ، تمنعهم الرؤيا الكاملة ،وحسن التشخيص الذي يوصلهم إلى العلاج، غير أن محدودية الرؤية تحورهم في دائرة من الصراع حول القشور ، والتغريد بعيدا عن السرب .والعيش خارج العصر
عند الأزمة تصبح لعبة المصطلحات سيدة الموقف ، لا من حيث التوصيف والتدقيق ، بل من حيث الاستغلال والتحوير ، فكثر من الناس يستعمل مقولات قديمة لم يكلف نفسه حتى عناء البحث في صحتها ن فضلا عن صلاحيتها لهذا الزمان أو غيره ، فكم من منتحر مات باسم الجهاد ، وكم من منزلق انزلق باسم التقوى ، وكم من مفرق فرق باسم الولاء ،وهذا كله ينحرف بنا دائما عن لب الموضوع
2ـ فهم الواقع :ان الواقع يحتفظ لنفسه بقدر كبير من التعقيد والتشابه ، ولذلك كان من الضروري بما كان التوصيف الجيد للمصطلحات والفهم الدقيق للمفاهيم سيكون من المفيد جداً أن نبدأ دائما بذكر التّعريف لما نريد بحثه وتحديد معاني المصطلحات التي سنستخدمها أثناء البحث. وهو ما يجعلنا ندرك صعوبة هذا العمل وفائدته الكبيرة في آن واحد
وحينها فقط سنضع رجلنا على العتبة الأولى من فهم الواقع ، كما لا ينبغي أن نغفل عما للمكان من قدرة رهيبة في توليد المشاعر والمفاهيم المشتركة بين أفراده ، دون أن ننسى ان العولمة وما تحمله من تناقضات بما جاءت به من ثورة على الحدود والقيود فقد حملت في طياتها مشاعر الفردية،حتى أصبحت كل دولة تلوذ بمحيطها الإقليمي وتوسعه ، فأثناء الأزمات تصنع الانتصارات والانكسارات من الداخل ، وأعظم الحروب تلك التي كانت في غرف مغلقة مع الأنفس ، فهناك تصنع الانتصارات وتكون الهزائم ، ولما كان التغيير من الداخل إلى الخارج ، كانت النهضة من الداخل إلى الخارج ، وكانت الانتصارات الفردية سابقة للانتصارات الجماعية ، عند الازمات ينبغي أن يكون للوطن قيمة ومعنى ، ينبغي أن يتعزز كوسيلة لتوجيه الناس نحوا الغاية العظمى دون غلو أو شوفينية ،